كلمة = ملايين الريالات
خطأ إملائي واحد في عقد عمل حوّل موظفا عاديا إلى شريك بـ54 مليون ريال! قصة حقيقية من المحاكم القطرية تكشف كيف يمكن لحرف واحد أن يغير مصير شركة بأكملها.
وتسلط الحادثة الضوء على أهمية الدقة في صياغة العقود، خاصة مع تزايد النزاعات التجارية، فيما يحذر خبراء القانون من أن معظم الشركات لا تولي اهتماما كافيا لمراجعة بنود العقود قبل التوقيع.
ويكشف المحامي الدكتور جمعة الكعبي تفاصيل هذه القضية الاستثنائية، مسلطا الضوء على الخطوات القانونية التي أدت إلى هذه النتيجة المذهلة، والدروس المهمة التي يجب على الشركات القطرية أن تتبعها.
تعود هذه القضية الاستثنائية إلى عام 2013، عندما تعاقدت إحدى الشركات القطرية مع مدير جديد في ظروف اعتيادية تماما، الاتفاق كان بسيطا في ظاهره: منح المدير نسبة من أرباح الشركة مقابل خدماته الإدارية، وهو أمر شائع في عالم الأعمال.
لكن كما يقال: "الشيطان يكمن في التفاصيل"، ففي لحظة صياغة العقد، وقع خطأ كتابي بدا بسيطا وقتها، لكنه تحول إلى كارثة حقيقية بعد سنوات.
فبدلا من كتابة "10% من أرباح الشركة"، كُتب في العقد "10% من الشركة نفسها"، وهو خطأ جوهري حوّل طبيعة العقد من اتفاق توظيف عادي إلى شراكة حقيقية.
مرت السنوات، وفي عام 2025، قررت الشركة إنهاء خدمات المدير بعد 12 عاما من العمل، وعندما طالب بمستحقاته التي قُدرت بمليون ريال، رفضت الشركة دفعها، معتبرة أن علاقة العمل انتهت بلا التزامات إضافية.
في البداية، رفضت المحكمة الدعوى الأولى للمدير بسبب انتهاء المهلة القانونية للمطالبة، حيث كان قد مرّ أكثر من عام على الحادثة، لكن المدير لم يستسلم، وهنا كانت المفاجأة الكبرى.
قرر المدير رفع دعوى مدنية جديدة، مستندا إلى نص العقد الحرفي الذي يمنحه "10% من الشركة"، وفي تطور درامي، اعتبرت المحكمة أن العقد يشكل شراكة حقيقية، وليس مجرد اتفاق توظيف.
قررت المحكمة حينها تشكيل لجنة خاصة لحصر أرباح الشركة على مدار 12 عاما بأثر رجعي، وهنا بدأت الأرقام تتصاعد بشكل مذهل، من 17 مليون ريال في البداية، إلى 34 مليون ريال، وصولا إلى المبلغ النهائي 54 مليون ريال.
أصدرت محكمة التمييز القطرية قرارها النهائي الذي ألزم الشركة بدفع 54 مليون ريال كاملة للمدير السابق، اعتمادا على النص الحرفي للعقد الذي اعتبرته شراكة قانونية.